قررت
الهيئة الوطنية للمحاماة في تونس، أمس، تعليق نشاط المحامية والنائبة
السابقة لأمين عام حزب التجمع الدستوري المنحل لمدة عام، وهي التي كانت قد
أثارت جدلا كبيرا مؤخرا بظهورها في التلفزيون الوطني باعتبارها ناشطة
حقوقية.
وأعلنت هيئة المحاماة في تونس قرارها القاضي بالإيقاف الفوري للمحامية
عبير موسى عن ممارسة عملها لمدة عام على خلفية تعنيفها لأحد زملائها خلال
المرافعة المتعلقة بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس طوال
23 عاما بقيادة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قبل أن تطيح ثورة شعبية
بحكمه ويفر إلى المملكة العربية السعودية في 14 يناير (كانون الثاني)
2011.
ووجه اتهام إلى عبير موسى التي كانت تشغل نائبة الأمين العام للحزب
الحاكم المنحل وتولت الدفاع عن الحزب أمام القضاء في جلسة الثاني من مارس
(آذار) 2011 بتعنيف زميلها المحامي نبيل بدشيش باستعمال الغاز المشل للحركة
لدى خروجها من المحكمة.
وكان القضاء التونسي قد أصدر في السادس والعشرين من سبتمبر (أيلول) 2011 حكما يقضي بسجن المحامية شهرين مع إيقاف التنفيذ.
وفجر ظهور عبير موسى مؤخرا على القناة الوطنية الأولى للتلفزيون التونسي
وتقديمها بوصفها ناشطة حقوقية عاصفة من الانتقادات انتهت بإقالة مدير
التلفزيون، ولحقتها إقالات أخرى لمديرين بمؤسسات إعلام عمومية من قبل
الحكومة المؤقتة.
ولا يزال الجدل متواصلا بشأن ملف القضاء وارتباطه بعملية التحول
الديمقراطي في تونس، فالقيادات السياسية الجديدة بعد الثورة تعتبر أن تطهير
السلك القضائي من الفساد والرشوة ركن أساسي من أركان تحقيق أهداف الثورة،
وهي تحاذر منذ فترة في فتح هذا الملف.
وأعلنت بصفة حاسمة أنها قد أعفت 82 قاضيا من مناصبهم، وقالت في حينه
إنها تملك كل الوثائق والحجج والملفات التي تدينهم. إلا أن ردود فعل القضاة
أنفسهم كانت غير متوقعة، فبعد أيام قلائل خاض القضاة بكامل البلاد
التونسية إضرابا عن العمل لمدة 3 أيام ولم يربط منظمو هذا الإضراب بين قرار
إعفاء القضاة والإعلان عن الإضراب وقدموا تبريرات مختلفة.
واعتبرت أطراف في حكومة حمادي الجبالي أن الإضراب محاولة للضغط على
الوزارة حتى لا تواصل حملتها ضد السلك القضائي بعد وعدها بقائمة ثانية.
وبرر نور الدين البحيري وزير العدل (القيادي في حركة النهضة الإسلامية)
القرار بتمادي القضاة الذين تم إعفاؤهم على نفس النهج في عهد الرئيس
التونسي السابق زين العابدين بن علي وارتكاب تجاوزات متكررة ومتعددة بعد
الثورة. وأكدت الوزارة من ناحية أخرى عزمها فتح ملفات كثير من المحاكمات
التي حسم أمرها في العهد السابق ومراجعتها وسماع القضاة الذين أصدروا
أحكاما جائرة دون مراعاة ضمير القضاء، على حد قولها.
وقالت كلثوم كنو، رئيسة جمعية القضاة التونسيين، إن إعفاء القضاة
بالطريقة التي اعتمدتها وزارة العدل لا يضمن تطهير سلك القضاء، بل سيحجب
جانبا مهما من الحقيقة، والأجدى في مثل هذه الحالات إحالتهم على القضاء حتى
يتم الكشف عن مجموعة كبيرة من الحقائق التي رافقت عمليات الفساد والرشوة،
ودعت في المقابل إلى دعم استقلالية القضاء.
وفي نفس السياق، تحدثت كلثوم كنو عن وجود خلاف جوهري بين الجمعية ووزارة
العدل التونسية، وقالت إن جوهر الاختلاف حول تركيبة الهيئة المستقلة لسلك
القضاة التي تخلف المجلس الأعلى للقضاء الذي كان يترأسه الرئيس التونسي
السابق زين العابدين بن علي بنفسه. وقالت إن الجمعية اقترحت أن تكون تلك
التركيبة بحساب الثلثين منتخبين، في حين تعين الوزارة الثلث الباقي، في حين
أن الوزارة تمسكت بتركيبة منتخبة من 6 أعضاء فقط من بين 11 عضوا إلى جانب
جعل قرارات الهيئة ترجع بالنظر لوزير العدل.