تميز الأسبوع الأول من الشهر الفضيل هذا العام بظاهرة الإبحار
الرمضاني قبل وبعد الإفطار في عالم الفايسبوك، حيث قتل به بعض الصائمين
والصائمات ساعات اليوم الحار والطويل، وفضّل الكثيرون إدخاله في سمر الليل
كبديل عن السهرات التي توارثها الجزائريون منذ القدم، وأكد أصحاب مقاهي
الأنترنت بأنه لم يحدث وأن اشتغلوا مثل هذا العام مع الزاحفين من كل مكان
رغم الانترنت داخل البيوت، حيث تتداول أفراد الأسرة الواحدة مقابلة هذا
الساحر الغريب، لينافس بذلك الفايسبوك بقوة بعض ألعاب الورق مثل لاغوانش
وخاصة لعبة الدومينو، ولكنه تميز عنهم بكون للفايسبوك عشرات الآلاف من
المنتميات لعالمه الساحر، وفي المقابل مدّ الفيسبوك شباكه خارج الوطن، إما
فضولا أو طلبا للتعارف أو بحثا عن الهجرة أو الزواج أوالعمل أو تبادل أفكار
وفتح نقاشات فكرية قد يكون صاحبها بطلا أو ضحية.
وكان غالبية الشباب والشابات الذين أعلنوا اعتناقهم
الإسلام مع بداية شهر رمضان الحالي في مختلف مساجد الوطن، اعترفوا بأن
وسيلة التواصل الإجتماعي هي التي ساهت في جرّهم إلى الجزائر لقضاء أيام شهر
رمضان لأول مرة في أجوائه الجزائرية، وقد ارتفع رقم معتنقي الدين الحنيف
إلى غاية الفاتح من جويلية 2012 إلى رقم المئتين، وهو رقم قياسي لم يسبق
وأن سجلته الجزائر، وهذا دون العودة إلى الذين اعتنقوا الإسلام دون توثيقه،
وغالبيتهم أيضا عبر وسيلة الفايس بوك، وهناك من كتب الشهادتين إلكترونيا
كإعلان أولي عن اعتناقه الدين الحنيف، ولوحظ في رمضان الحالي توافد غير
مسبوق للنساء، خاصة من جنسية فرنسية على الإسلام في مختلف مدننا، ولاحظنا
أن غالبيتهن متزوجات من جزائريين ويقطن بفرنسا، مما يعني أن الجالية
الجزائرية في فرنسا بشهادة الفرنسيين عادت بقوة في السنوات الأخيرة إلى
جذورها، وإلى دينها الحنيف بالخصوص، وصارت تؤثر على الآخر، ولا تتأثر وتذوب
في الآخر، كما كان يحدث سابقا، بدليل أن الزوجات الجزائريات لنجوم الكرة
من أمثال فرانك ريبيري وإيريك أبيدال وغيرهما تمكنّ من إجبار أزواجهن على
اعتناق الدين الإسلامي، كما لم يبق الجزائريون المتزوجون من أجنبيات
يكتفون بكونهن من أهل الكتاب وصاروا يصرّون على ضرورة اعتناقهن الدين
الإسلامي.
ويشهد الشهر الفضيل موازاة مع استمرار التواصل الاجتماعي، أكبر
أرقام الدخول في دين الله أفواجا، ناهيك عن ظاهرة اعتناق العمال الأجانب
للدين الإسلامي في الجزائر، كما حدث في الشركة البرازيلية المكلفة بإنجاز
الجسر العملاق المسمى الرمال في قسنطينة، حيث اعتنق شابان برتغاليان الدين
الاسلامي، ويصومان حاليا لأول مرة في حياتهما، وأكد أئمة يشاركون باستمرار
في مراسيم إعلان الشهادتين أن الظاهرة الجديدة هي التعارف عبر الفايس بوك
إما من أجل الزواج الذي يرفضه عامة الجزائريين من الرجال، فما بالك من
النساء دون اعتناق الطرف الآخر للإسلام، ويقرون بأن رقم الداخلين لدين الله
أفواجا ارتفع بسبب الفايس بوك، وكان شاب من بلدية بوشقوف بولاية ڤالمة من
الشغوفين بالفايس بوك، قد جرّ ثلاثة فرنسيين من بينهم شابتين للسفر إلى
مسجد البلدية العتيق منذ سنتين لأجل إعلان إسلامهم والعودة إلى فرنسا .
كما سافرت ثلاث برازيليات دفعة واحدة إلى مدن قايس
والمحمل وششار بولاية خنشلة، وأعلنّ إسلامهن بعد رحلة تعارف عبر الأنترنت
مع شباب من هاته البلديات في أعماق الأوراس، وقد تم إحصاء الكثير من
الأمريكيات اللائي سافرن من الولايات المتحدة الأمريكية لأجل اعتناق
الإسلام في أم البواقي وخنشلة وتيزي وزو وغيرها، بعد تعارف عبر الفايس
بوك.. وكانت إحداهن قد قدمت من واشنطن خصيصا لإعلان إسلامها بالأوراس،
وعادت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبرغم هذا الزحف الكاسح للفايس بوك
إلا أنه سرق الكثير من الشباب عن السهرات الرمضانية العائلية، وقتل المشاهدة القياسية المعروفة للتلفزيون.
وأصبح الشباب الذي كان مسحورا ومعتكفا مع المكالمات الهاتفية
الطويلة عبر النقال يرفض الجلسات العائلية وحتى مع أصدقائه بسبب إدمانه على
الفايس بوك وعالمه العجيب، وإذا كان الكثير من معتنقي الإسلام من
الأوروبيين ومن القارة الأمريكية قد جرّهم الفايس بوك ودخلوا الجزائر من
أجل نطق الشهادتين، وأيضا من أجل الزواج من جزائريين ومن جزائريات، فإن
البقية سافر بهم الفايس بوك إلى عوالم أخرى ومنها الممنوعة والمحرّمة في عز
الشهر العظيم، والغريب أن ظاهرة الفايس بوك التي أطاحت بالحكم الديكتاتوري
في تونس بقيادة زين العابدين بن علي، والتي يستعملها اليهود لأجل جمع
شملهم في مختلف بلدان المعمورة، مازالت لم تأخذ قسطها من الدراسة
الاجتماعية عندنا، ومازالت مفتوحة على الجميع بفوائدها ومضارها، رغم أن
الكهول والنساء المتقدمات في السن يجهلون هذا العالم، ويظن الكثير منهم أنه
عالم ثقافي فكري وعلمي يمنح لأبنائهم مزيدا من التعارف، وهو لا يختلف عن كل الاختراعات الكبرى له منافعه .. وخاصة مضاره.