العين الدامعة : الاسباب والعلاج

العين الدامعة حالة شائعة لدى البالغين، وغالبا ما توجد طريقة فعالة لعلاجها. قبل كل شيء، يجب الحديث عن خلفيات هذه الحالة. فالغدد الدمعية (lacrimal glands) التي توجد فوق العين عند حافة محجر العين، تفرز باستمرار كميات صغيرة من الدموع، بوتيرة ثابتة. وتساعد رموش العين على توزيع السوائل على مقدمة العين، الأمر الذي يسمح بتكوين غلاف رقيق شفاف وواقٍ يحفظ العين من التأثر بالغبار أو الأوساخ، كما يساعدها على الدفاع ضد العدوى.
ولكن وبعد أن يؤدي هذا السائل دوره، أو أن العين لم تعد بحاجة إليه، أو عندما يكون موجودا بكميات أكثر، فإن منظومة بارعة للتصريف تقوم للتخلص من فائضه.
وتربط القنوات الدمعية الصغيرة جدا الزوايا الداخلية للعينين مع منطقة داخل الأنف. وتساعد رمشات العين على دفع السائل بعيدا عن العين، إلى القناة، ثم إلى الأنف. وتظهر حالة العين الدامعة عندما يتم إفراز كميات من الدموع أكبر مما يمكن للعين تصريفه إلى خارجها، وهي في الواقع مشكلة تتعلق بتصريف السوائل.
والأشخاص الذين يطلبون المساعدة الطبية لحالة العين الدامعة يكونون مصابين بواحدة من أربع مشكلات. في بعض الأحيان تكون فتحات القنوات الدمعية مسدودة حتى وإن كانت القنوات أنفسها مفتوحة. ويطلق على هذه الحالة اسم "تضيق المجرى عند الفتحة" وهذا هو الحال نفسه مع مجرى الماء، فحتى وإن كان المجرى سالما فإن الفتحة الصغيرة جدا له لا تمنح أي مجال لعبور الماء فيه، ومن ثم فإن الماء يرتد إلى الحوض. ويمكن علاج "تضيق المجرى" عند الفتحة في العادة خلال دقائق معدودات، بطريقة لا تتطلب سوى تخدير موضعي.
إلا أنه غالبا ما تنجم المشكلة عن انسداد في أعماق القنوات الدمعية. ويمكن أن ينشأ عن حالة الانسداد هذه واحد من الأعراض الجانبية عند تناول بعض الأدوية الموجهة لعلاج السرطان، مثل عقار "دوسيتاكسيل"، الشائع الاستعمال لعلاج سرطان الثدي.
كما أن الجروح في الوجه قد تتسبب في انسداد القنوات الدمعية.
ومع هذا، فإن غالبية الانسدادات في القنوات الدمعية لا تبدو مرتبطة بسبب واضح، فهي تحدث بنفسها، وهي تحدث للنساء عادة بعد وصولهن سن اليأس من المحيض.
وقد أجرى عمليات علاجية لهذه الحالة منذ بداية القرن التاسع عشر، ولذا فإن هذه المشكلة معروفة في طب العيون ولكن ومن جهة أخرى، فإن تلك العمليات ليست عمليات صغرى، إذ إنها تتطلب إجراء تخدير عام، وإحداث قطع في العظم. وهي تختلف عن بعضها إلا أن القاسم المشترك الأساسي بينها هو إصلاح منظومة التصريف بوساطة خلق ممر صغير يدور حول موقع الانسداد.
السبب الثالث للعيون الدامعة، وللمفارقة، هو جفاف العين! فإن لم تستطع الغدد الدمعية تأمين كميات كافية من السائل بصورة دائمة، فإن العين ستصاب بالجفاف، وتتأثر، ما يؤدي إلى قيام الغدد بدور أكبر للتعويض عن النقص، منتجة دفعات من الدموع تفيض عن العين.
وينجم جفاف العين عن كثير من المشكلات، ويمكن أحيانا علاجه بعلاج المشكلة المسببة له. ولكن غالبا ما تدور المعالجة حول العين الجافة نفسها، إذ يمكن اقتناء منتجات "الدموع الصناعية" من دون وصفة طبية، وهي تؤدي مفعولها، ولكن إن لم تؤد مفعولها فهناك خيار آخر هو نوع من قطرات "سايكلوسبورين"، وهو عقار مثبط للمناعة يتناوله الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع أعضاء بديلة، بهدف خفض احتمال رفض أجسامهم للعضو الغريب. ولهذا العقار حين استخدامه في العين مفعول قوي مضاد للالتهاب يساعد على التخلص من جفاف العين للأشخاص الذين لم تنجح معهم أنواع العلاجات الأخرى.
ويمكن أن تظهر العين الدامعة لدى الأشخاص الذين يكون الجفن الأسفل لديهم مرتخيا ومتهدلا من العين. وفي هذه الحالة، فإن العين لا تدفع السائل نحو القنوات الدمعية، بل وبدلا عن ذلك فإن السائل يتراكم على سطح العين. ويمكن علاج هذه الحالة بسهولة بتثبيت موضع الجفن بعملية جراحية. وقد أصبحت عملية الجفن الجراحية حاليا أكثر شعبية لأغراض التجميل. إلا أنها تعتبر خيارا يجب التفكير فيه، إن كان الجفن مرتخيا بشكل كبير يؤدي إلى الإصابة بحالة العين الدامعة. فإن غالبية أسباب العين الدامعة قابلة للعلاج. ولذا، فعليك بالاستشارة الطبية لاكتشاف أسباب العين الدامعة واختيار العلاج المناسب لها.